رلى خالد - النهار
لم يتعذر على رئيس بلدية ريمات روبير عوّاد تحقيق ما اعتبره كثيرون مستحيلا في منطقة جزين، لأن الهدف هوإعادة الحياة الى بلدته النائية التي هجرها معظم أهلها، وفي شكل خاص الشباب منهم، بحثا عن لقمة العيش، فاستثمر كلّ علاقاته الشخصية لتحقيق هذا الهدف، وكانت النتيجة مجموعة ضخمة من المشاريع الحيوية المنعشة إقتصاديا للبلدة وجوارها.
تشتهر بلدة ريمات، التي تمتد على مساحة 3 كيلومترات مربعة ونصف الكيلومتر، وتعلو 700 متر عن سطح البحر، بموقعها المميز المشرف على البحر لجهة الغرب، وبطبيعتها الخلابة التي تزنّرها الأحراج الطبيعية من كل الجهات.
عانت ريمات منذ سنوات، كبقية قرى منطقة جزين وبلداتها، من هجرة أهلها لا سيما شبابها الى المدن، فكان لا بدّ من مبادرة تعيدهم الى أرضهم وتؤمن متطلباتهم الأساسية، وتولى مجلس بلديتها، برئاسة روبير عوّاد تنفيذ المهمة بنجاح، اذ استقطبت الأعمال المنفذة في السنوات الأخيرة مجموعة كبيرة من أهالي البلدة الذين أبدوا رغبة في العودة والاستقرار فيها. كما تحققت خطوة بالغة الأهمية تمثلت باستقطاب المستثمرين الذين بدأوا فعليا بتشييد معامل لهم في خراج البلدة ستوفر فرص عمل لمجموعة كبيرة من أهالي البلدة والجوار، من مختلف الأعمار والمستويات العلمية.
مشاريع حيوية
أما أبرز المشاريع التي نفذتها بلدية ريمات، التي تفتقر الى مصادر التمويل، اذ يتغذى صندوقها البلدي من مستحقاته من الصندوق البلدي المستقل البالغة 12 مليون ليرة لبنانية سنويا، فهو مشروع الصرف الصحي المموّل من برنامج "ما وراء البحار للمساعدة المدنية والإغاثة من الكوارث الإنسانية في القيادة الوسطى الأميركية"، بقيمة 600 ألف دولار، وقد تمّ تنفيذه باشراف فريق من مهندسي الجيش الأميركي، بالتعاون مع بلدية ريمات.
ومميزات هذه الشبكة للصرف الصحي، المنجزة بمواصفات عالية الجودة، في أنها تربط كل منازل البلدة بشكبة ﺇمدادات تمتد من الأحياء الداخلية الى الطريق العام، ومنها الى بلدة برتي المجاورة، حيث يشرك المشروع بالشبكة الرئيسية التي تصل الى محطة سينيق في صيدا لتكرير المياه المبتذلة. بعيد الإنتهاء من مشروع الصرف الصحي في كانون الأول الماضي عبّدت البلدية كل شوارع البلدة بالاسفلت، بمبادرة من وزارة الأشغال العامة. وهناك مشروع جديد انطلق في خريف 2011 في البلدة وشارف على الإنتهاء، هو بناء حديث من ثلاث طبقات شيّدته البلدية بمساعدات خاصة، ليضمّ بعد انتهائه هذا الصيف مركزا للبلدية، وآخر للدفاع المدني الموجود بفعالية، ومستوصفاً طبيّاً، الى صالة للرياضة والكومبيوتر للترفيه عن الشباب في فصل الشتاء.
وللبيئة حصتها أيضاً
جديد بلدية ريمات بدء تشييد ثلاثة معامل خاصة، ستجذب اليّد العاملة والشباب المتعلّم من أهالي البلدة ومحيطها الجغرافي.
المعمل الأول سيكون مخصصا لتدوير الدواليب واستخراج الحديد منها، وتحويل الكاوتشوك الذي تتألف منه مادة تدمج بنسبة 20 بالمئة في الإسفلت، فتتكوّن مادة عازلة للمياه.
وهذا المعمل، الذي ينفذه متموّل من خارج المنطقة على قطعة أرض بمساحة 2500 متر، مستأجرة من الرهبانية اللبنانية المارونية، وبدعم من بلدية ريمات، يعتبر مشروعا صديقا للبيئة إذ يستهلك الإطارات المطاطية الفاسدة التي تلوث المنطقة ويعمل على تدويرها والإفادة منها، من دون انبعاثات حرارية أو سوائل مضرّة بالبيئة. وتجري بلدية ريمات حالياً دراسة على إمكان الإفادة من حرارة المياه الناجمة عن تذويب المطاط في المعمل، والتي تصل الى 350 درجة مئوية، لمدّ شبكة تدفئة مركزية الى كل منازل البلدة، ممّا يخفف عن الاهالي أعباء شراء المشتقات النفطية والحطب للتدفئة شتاء.
ويتضمن هذا المعمل الذي من المتوقع أن ينطلق العمل فيه مطلع الصيف، معملاً مختصاً بتكرير الزيوت المستهلكة في المطاعم وتحويلها مشتقات نفطية مفيدة.
معمل ثالث ينفذ حالياً في ريمات على قطعة أرض مملوكة لتعبئة صبغات الشعر وحمامات الزيت والشامبو، وغيرها من المنتجات المشهورة، التي ستصدر بكميات الى الخارج، وخصوصاً دول الخليج العربي. يتوقع أن ينطلق العمل فيه أواخر صيف 2012
هذه المشاريع، وغيرها من المشاريع التي تحضّر في كواليس بلدية ريمات، ستخلق حتما فرص عمل مهمة لأبناء البلدة والمنطقة وستسهم في شكل مباشر في عودة أبناء المنطقة واستقرارهم في أرضهم كما حلموا دائماً.
ومن قال بأن بلدية صغيرة كريمات، غير منتمية الى أي حزب سياسي، لا تستطيع أن تحقق المستحيل؟