سوزان برباري - النشرة
لا شكّ أنّ العنبر اللبناني هو من أقدم الكنوز الطبيعية على الأرض، فهو يكشف أسرار عالم لم يعرف عنه إلا القليل، عاشت فيه الديناصورات والبتيروصورات المجنحة والنباتات السيكاسية العارية البذور. لكنّ الأمر المؤسف هو أنّ أحجار العنبر تباع في الخارج بعشرات آلاف الدولارات، ومع ذلك فإنّ الدولة اللبنانية لم تتحرّك بعد لوضع يدها على الملف، أقلّه لجهة حماية المناطق التي تضم هذه الثروة، في حين أن بعثات أجنبية كثيرة تقصد لبنان لتنقب عن العنبر وتأخذ كميات منه معها إلى الخارج!
متحجرات عنبرية
شكّل العنبر اللبناني محور كتاب ألّفه الاختصاصي في البيئة وأستاذ الصحة العامة في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور رئيف مكي والخبير في العنبر جورج يوينر (الابن)، حيث سعيا من خلاله إلى الإضاءة على أهمية العنبر التاريخية. وقد شكّل هذا الكتاب أول عرض رئيسي للعنبر اللبناني، فهو يغطي مختلف جوانبه، بما في ذلك منشأه ومرتبته كسلعة ثمينة في الحضارات القديمة. وقد تمّ درس كل متحجرة نباتية وحيوانية تم استرجاعها من العنبر، بما في ذلك الديدان السلكية والحلزونيات والعث والعناكب والحشرات وأقدم ريشة كاملة. وأثبت المؤلفان بتحليلهما كيف أن هذه المتحجرات العنبرية يمكن أن تزيد فهمنا لتنوع الحشرات وبيوجغرافيتها وانقراضها وبقائها، مستخدمين أوصافاً مميزة للمناشئ والخصائص والاستعمالات القديمة للعنبر اللبناني وراتينجات الشرق الادنى الاخرى.
صناعة المجوهرات
يشير الاختصاصي في البيئة الدكتور رئيف مكي إلى أنّ تاريخ هذا العنبر يعود الى العصر الطباشيري الاول قبل نحو 135 مليون سنة، وهو يحتوي على أقدم الشواهد المعروفة لكثير من المجموعات الحشرية، وربما تكون في غابة رطبة تكتنفها اشجار الكوري الصنوبرية الاستوائية قبل ان تبلغ قارات الارض وضعياتها الحالية، وهو من المادة الصمغية النباتية المتحجرة منذ ملايين السنين ويستعمل في صناعة المجوهرات. ويلفت الى انه يتواجد في جزين والمتن الأعلى والشوف وبعض مناطق كسروان.
حشرات تحكي التاريخ
امام هذا الواقع يتحدث ملكي عن "أهمية العنبر التي لا تكمن فقط في انه يستعمل في مثل هذه الصناعات المهمة، بل أن الأساس في أهميته يكمن في قيمته العلمية، لانه صمغ نباتي متحجر يحتوي في بعض الأحيان على أشكال حياة منقرضة كالحشرات والعناكب والنباتات وغيرها، والتي يؤمن العنبر حفظها من التلف في شكل مهم جداً.