النشرة
تحتلّ مشكلة استنزاف أو تآكل طبقة الأوزون نسبة ثمانين في المئة من الاهتمام العالمي، وهي تُعتبَر من المشاكل البيئية المعاصرة التي كثر الحديث عنها منذ أواخر الستينات وأوائل السبعينات عندما بدأت تشكّل خطراً يهدّد الحياة على الأرض بفعل تنشيط الكيماويات التي تحتوي على عنصر الكلور والتي تساهم في تدمير طبقة الأوزون وتتسبب بالبرودة غير الطبيعية.
اعتراف عالمي بالخطر
لمجابهة خطر تآكل طبقة الأوزون، صدّقت 168 دولة في العالم، ومن بينها لبنان، على ما اصطلح على تسميته ببروتوكول مونتريال الذي يهدف إلى تقليص النشاطات المضرّة كالصناعات الرذاذات، والإسفنج وأجهزة التبريد والمبيدات الزراعية التي تساهم في تقلص طبقة الأوزون، الأمر الذي من شأنه منع وصول الأشعة فوق البنفسجية التي تسبب سرطان الجلد إلى الأرض.
وباعتبار أنّ لبنان كان من بين الدول التي وقّعت على هذا البروتوكول، فإنّ المعروف أيضاً أنّ لبنان هو اليوم عضو في نادي الدول الصديقة للأوزون، وذلك بإشراف برنامج الأمم المتحدة، علماً أنّ معظم المصانع اللبنانية استبدلت المواد المضرة بالأوزون بأخرى غير مؤذية وكلفتها أقل.
أكثر من ذلك، تشير الدراسات الحديثة إلى أنّ طبقة الأوزون تتعرّض للتدمير المستمرّ بفعل تصاعد عدد من المركبات الكيميائية التي صنعها الإنسان واستخدمها في كثير من أنشطته في مختلف القطاعات، مستفيداً من خصائصها الفريدة، الى طبقات الجو العليا ما يؤدي إلى تآكل مركّب الأوزون. ونظراً لعالمية المشكلة، كان لا بد من تحفيز التعاون الدولي وتكثيف جهود كل دول العالم للحد من النشاطات التي ينتج عنها غازات مدمرة للأوزون، كما والتقليل من استخدام المواد التي تستنزفها أو منعها.
ولذلك، فقد تمّ إنشاء مكتب الأوزون في وزارة البيئة اللبنانية في العام 1998، وهدفه الرئيسي نشر الوعي البيئي وتحويل الصناعات بحيث يتم الإستغناء عن المواد الضارة بطبقة الأوزون المستعملة في هذه الصناعات، واستبدالها بمواد أخرى غير مؤذية. وبناء على ذلك، أجري في العام 1998 مسح ميداني شمل جميع القطاعات المستهلكلة للمواد المستنفذة لطبقة الأوزون، وتضمن معلومات وإحصاءات عن هذه المواد وطرق استعمالها. وبعد هذا المسح، وضعت استراتيجية لقطاع صناعة الرذاذات (Spray)، وصناعة الإسفنج والعوازل، وأجهزة التبريد وإطفاء الحريق والمبيدات الزراعية كمواد نافخة، وكان تشديد على ضرورة صيانة الثلاجات وأجهزة التبريد للتخفيف من تسرب الفريون منها، أما الأجهزة الأخرى فيمكن تغيير بعض أجزائها وتشغيلها باستخدام المواد الكيميائية البديلة.
التزام لبنان
أظهرت التجارب أن كثيراً من أنـواع النباتات حساسـة ضد الأشعـة ما فوق البنفسجيـة، فقد يؤدي تعرض بعض المحاصيل الزراعية مثل الأرز وفول الصويا لهذه الأشعة الى ضمـور حجم النباتات وقلة إنتاجها، الأمر الذي يحدث تغييـرات كيميائية في النباتات ويضعف بالتالي قيمتها الغذائية. وتفادياً لذلك، فإن المزارعين يستخدمون مادة الميثيل بروتيين، وهي مادة خطرة وسامة. ولمنع استعمال هذه المادة، ينظّم مكتب الاوزون في وزارة البيئة مشروعاً لمساعدة المزارعين على استخدام مواد بديلة، كالطاقة الشمسية لتعقيم التربة، وكذلك استخدام البخار وبعض المواد الكيميائية الصديقة للبيئة وللأوزون. وقد بدأ تنفيذ هذا المشروع في العام 2001 في وزارة البيئة، علماً أن كلفته بلغت نحو 5 ملايين دولار أميركي. ويساهم هذا المشروع في تخفيض كلفة تعقيم التربة وبالتالي كلفة الإنتاج الزراعي بنسبة تبلغ نحو 60 في المئة، كما يصبح الإنتاج الزراعي بموجبه صديقاً للبيئة وللأوزون وللإنسان معاً. أما اليوم فقد توقف لبنان عن استخدام هذه المواد بعد استبدالها بالهيدروكربونات وكلوريد الميثيلين وثاني أوكسيد الكربون والماء، وهو ما يفسّر تحويل 8 مصانع من أصل 10 مصانع منذ العام 1998، مع الإشارة إلى أنّ قيمة المساعدات بلغت مليون ومئة ألف دولار أميركي.
مشكلة الأوزون إلى تراجع
يوضح الخبير البيئي الدكتور فريد شعبان أنّ مشكلة الأوزون بدأت تخفّ في أغلبية دول العالم ومن بينها لبنان، حيث أظهرت الدراسات الأخيرة أنّ رقعة الأوزون تتجه نحو التراجع، وذلك نتيجة التحرك العملي بمواجهتها من أغلبية البلدان، ولا سيما الصناعية منها، التي لجأت لاستخدام الغازات البديلة. لكنه يلفت في المقابل إلى وجود مشكلة في استرداد رقعة الأوزون ويتطلب علاج هذه المشكلة مدة طويلة تتراوح بين 30 و40 سنة.
ويشير الدكتور شعبان إلى أنّ لبنان التزم بالقرارات الدولية على هذا الصعيد بخلاف عدد من الدول التي لم تتقيّد بالشروط البيئية للحفاظ على طبقة الأوزون، وبالتالي لا تزال حتى يومنا هذا تلوّثها بصورة علنية. ولكنه يؤكد أنّ كميات الغازات المضرّة قد خفت بشكل كبير على مستوى العالم منذ الثمانينات والتسعينات.
ويشدّد الدكتور شعبان على أنّ الأهمّ اليوم يبقى في تحديد كيفية مواجهة التغيير المناخي الذي يترك آثاراً سلبية على النظام الغذائي، لأنّ الغازات الدفيئة وخصوصاً غاز الكربون تقضي على الثروة النباتية، منبّهاً إلى أنّ هذا السلوك من شأنه أن يؤدي إلى أزمة جوع عالمي.