النهار – رلى خالد
أسهم إذنان خطيّان من وزير الداخلية والبلديّات مروان شربل، بالسماح بنقل رمول من العقار رقم 100 في خراج بلدة الغباطيّة في قضاء جزين، ومن العقارين رقم 866 و867 في خراج الميدان، بشكل منفصل ولأسباب مختلفة، الى إعادة إحياء مرملتين كبيرتين في هاتين البلدتين الغنيّتين بمساحاتهما الحرجيّة المميّزة بالصنوبر المثمر، بعدما جهدت بلديتيهما والأهالي لإقفالهما بالسُبل القانونية، لتعتبر الأولى مقفلة منذ عام 2007، والثانية منذ 2011، وخالية من أي "ستوكات" قابلة للنقل.
!"حيوية وموجبة"
أسباب "حيوية وموجبة" تضمنها كتابا الوزير شربل، لتبرير السماح بنقل الرمول من هذين الموقعين مع الافتراض بوجود "ستوك" من الرمول في داخلها، فيما جاءت التبريرات كالآتي:
"السماح بنقل الرمول من العقار رقم 100 في منطقة الغباطيّة العقارية "لتنفيذ أشغال بنى تحتية وقصر بلدي لمصلحة بلديّة كفرحتى، والذي يشكّل مرفقاً حيوياً..." (كتاب وزير الداخلية الى محافظ الجنوب بتاريخ 15 أيار 2013)
السماح لـ "مؤسسة ترو للتجارة والمقاولات"، بنقل كميّة من الرمول من العقار رقم 866 منطقة الميدان العقارية - قضاء جزين، لزوم تنفيذ أشغال طريق جدرا - برجا - شحيم العائدة لوزارة الأشغال العامة والنقل. (كتاب وزير الداخلية والبلديات رقم 7444، تاريخ 27 أيار 2013).
إنّ هذين القرارين أعادا مفاعيل تشغيل المرملتين في الغباطية والميدان، ممّا أثار حفيظة أبناء البلدتين والجوار.
أضرار واستهتار
وأوضحت رئيسة بلدية الميدان نورما فغالي عوّاد أنها "محبطة جداً حيال إصرار أصحاب الأرض في الميدان على تدمير البيئة، واستهتار إدارات الدولة ومسؤوليها بهذا الموضوع الحسّاس والحيوي للمنطقة، رغم كثرة مراجعاتنا التي وصلت الى حدّ تقديم شكوى قضائيّة بهذا الخصوص. ويستمر المسؤولون، وتحديداً محافظ الجنوب المطلع على الموضوع عن كثب، وقد تلقى كلّ مراجعاتنا الرسميّة بخصوص إقفال هذه المرملة، بالسماح لهؤلاء بإعادة فتح المرملة بحجّة وجود "ستوك" من الرمول فيها".
وأشارت الى أنه "بتنا نصرف كلّ مقدرات البلديّة المحدودة أصلاً، كبدل أتعاب محامين ومراجعات قانونيّة، علماً أن مجلس بلدية الميدان برئاسة رئيس البلدية الأسبق الدكتور أنطوان عوّاد اتخذ قراراً بإجماع أعضائه بتاريخ 8/1/2005، بعدم منح التراخيص لإنشاء مرامل وكسارات ضمن النطاق البلدي لبلدية الميدان، وقد بُلّغ القرار الى سلطة الوصاية لأخذ العلم، وهو لا يزال ساري المفعول لكنه لم يمنع المسؤولين من منح التراخيص لإعادة تشغيل المرملة".
وبالفعل، أظهرت المراجعات الخطيّة التي كشفتها رئيسة البلدية محاولات حثيثة من صاحب الأرض مارون يوسف عقل للاستحصال على تراخيص من وزيري البيئة محمد رحال وناظم الخوري بحجة استصلاح الأرض على عقاره الذي حوّله سابقاً مرملة، فضلاً عن المتابعات الادارية للبلديّة مع محافظ الجنوب الذي أصدر بنفسه قراراً بإيقاف العمل في المرملة عام 2011، ليتخطى صاحب الأرض السلطات المحليّة ويستحصل على رخصة جديدة من وزير البيئة ناظم الخوري في نيسان 2012، ممّا دفع رئيس بلدية الميدان آنذاك أنطوان عوّاد الى توجيه اعتراض خطي لوزارة البيئة والتقدّم بشكوى قضائية.
المرملة تعود بعلم السلطات!
قبل أيام، علمت فغالي من أهالي البلدة بأن المرملة أعيد فتحها والعمل فيها قائم على قدم وساق. ولدى الاستفسار عن الموضوع، تبيّن لها أن السلطات الرسمية من القائمقام والمحافظ والسلطات الأمنية على علم بالموضوع ولم يتمّ تبليغها بالقرار الجديد.
التحرّك العاجل باتجاه سلطات الوصاية الممثلة بقائمقام جزين ومحافظ الجنوب، لم ينفع رئيسة بلديّة الميدان التي تعبّر عن أسفها من قيام المحافظ بتحويل طلب ايقاف مفاعيل قرار نقل الرمول مجدداً الى وزارة الداخلية، ممّا يتيح بحسب عوّاد، الوقت أمام العاملين في المرملة الإفادة من هذه المماطلة الادارية لاستخراج اكبر كمية من الرمول.
لكنّ قاضي الأمور المستعجلة في محكمة جزين ماهر الزين، بتّ الموضوع وأصدر قراراً قضائياً مستعجلاً بوقف كلّ الأعمال الموجودة في العقار 866 في الميدان، نزولاً عند استدعاء تقدمت به بلدية الميدان وذلك بانتظار النطق بالحكم في الشكوى السابقة المقدمة الى المحكمة بهذا الخصوص.
وقد استطاعت بلديّة الميدان بفضل جهود رئيستها وأعضائها ايقاف العمل في مرملة الميدان، لكن الإعتداءات على الطبيعة لا تزال مستمرة في مرملة الغباطيّة على العقار رقم 100، وأهالي بلدة بنواتي يناشدون المعنيين وقف المجزرة المرتكبة في حق الطبيعة التي تتميّز بغلاف صنوبري نادر في تلك المحلة، علماً أن أضرار هذه المرملة لا تقتصر على الطبيعة فحسب بل تتعداها الى تهديد سلامة المواطنين، إذ تعبر يومياً، أكثر من 50 شاحنة محمّلة بأوزان تفوق الـ 40 طناً للشاحنة، شوارع بلدة بنواتي غير المعدّة أصلاً لتحمّل هذه الأوزان، ممّا يهدد سلامة العابرين وسكان المنازل الواقعة على جانبي الطريق بالدرجة الأولى، فضلا عن الأضرار الماديّة التي تلحق بالطريق وبالبنى التحتية من مياه شفة وأقنية الصرف الصحي وغيرها، من دون أن ننسى إقلاق الراحة المتواصل منذ ساعات الصباح الأولى وحتى المساء.
والجدير ذكره، أن رئيس بلدية بنواتي الأسبق منير ربيع وأهالي البلدة، نفذوا تحركاً احتجاجياً عام 2007، ونجحوا في اقفال المرملة.
والقاضي يعود عن قراره....
أفادت رئيسة بلدية الميدان مساء الاثنين الفائت، أن قاضي الأمور المستعجلة في محكمة جزين ماهر الزين عاد عن القرار الذي اتخذه بإقفال المرملة في العقار رقم 866 الميدان، وطلب من فصيلة درك جزين إزالة كلّ المعوّقات أمام العمل فيها مجدداً، وان نهش الرمول عاد بنشاط الى هذه المرملة بغطاء قانوني هذه المرة؟